أمراض الكلى عند الأطفال من جراء الإرتجاع البولي المثاني الحالبي والذي هو عودة البول من المثانة إلى الحالب أو إلى الكلية لأسباب مختلفة أهمها وجود عيب خلقي يولد به الطفل، والسبب الثاني هو ضعف عضلة الحالب عند التقائها بالمثانة والسبب الثالث هو كبر فتحة الحالب في المثانة، وأحياناً أخرى يكون ضغط البول في المثانة عالياً لوجود شبه إنسداد في عنق المثانة من جراء الصمام الخلفي الإحليلي، أو مجرى البول وبالتالي يعود البول إلى الحالب – وعادة يعاني هؤلاء الأطفال من مشكلة الإرتجاع البولي خلال السنوات الخمسة الأولى من العمر وقد يصاب بها الطفل بعد الولادة مباشرةً وهذا المرض هو من المسببات التي تؤدي إلى الفشل الكلوي المزمن والذي يتطور إلى قصور كلوي متقدم عند الأطفال وكذلك عند البالغين سن الرشد، ويؤدي بنسبة 20% إلى مرض إرتفاع ضغط الدم عند هؤلاء الأطفال وكذلك عند البالغين سن الرشد، حيث أن المسبب المرضي لداء الكلى الإرتجاعي (Reflux Nephropathy) هو الإرتجاع المثاني الحالبي والكلوي للبول المتلوث بالجراثيم حيث يحدث الإلتهاب في المنطقة المصابة في الكلى ومن جراء ذلك تنشأ الندبات الكلوية وهذه تؤدي إلى القصور في الوظائف الكلوية نتيجة لذلك، أما نسبة الإصابة بهذا الإرتجاع البولي فتكون منتشرة عند ثلاث بنات بين كل ألف طفلة وولد واحد بين كل ألف طفل.

الأسباب:

أ) العوامل المرضية: علاوة إلى الأسباب التي ذكرت في المقدمة فإن العامل المرضي الذي قد يكون المسؤول عن حدوث الرجوع البولي من المثانة إلى الحالب أو إلى الحويض الكلوي هو تلوث البول جرثومياً وإصابة المثانة إلتهابياً والذي بدوره يؤدي إلى ندبات في المثانة أيضاً وفي بعض الأحيان تصلب في منفذ الحالب في الجزء العضلي المثاني والذي هو أصلاً مسؤول على ميكانيكية إغلاق المنفذ الحالبي في المثانة حيث أن هذا التصلب في هذا الجزء من الحالب يؤثر على قابلية الإغلاق ويسبب الإرتجاع البولي إلى الحالب أو الكلى.

ب) العوامل الخلقية:

  1. فتحة الحالب المنتقلة.
  2. خلل في تكوين ونشوء مثلث المثانة (Trigone).
  3. نقص في ميلان أو طول جزء الحالب المثاني العضلي.
  4. الأمراض العصبية للمثانة أو للجزء الاسفل من الحالب.

 

ت) عوامل نتيجة تغيرات مرضية ثانوية:

  1. تضيق في العنق المثاني.
  2. تصلب في العنق المثاني.
  3. شريط أوسطي في عنق المثانة (Median Bars).
  4. صمام في الإحليل الخلفي (Posterior Urethral Valve).
  5. تضيق ندبي في الإحليل نتيجة مضاعفات جراحية كجرح جزئي للحالب المثاني أو جرح في فوهة الحالب بعد عملية قلع التكيس الخلقي الحالبي.

ث) المراحل الإرتجاعية المرضية:

 هنالك خمسة مراحل إرتجاعية لها تأثيرها المرضى على المثانة والحالب والكلية وهي:

1- المرحلة الأولى: في هذه المرحلة يصل الإرتجاع البولي المثاني إلى الحالب فقط ولا يتعداه إلى الحويض الكلوي، ويوجد هنالك في بعض الأحيان توسعات طفيفة في الحالب.

2- المرحلة الثانية: في هذه المرحلة يكون الإرتجاع البولي المثاني والحالبي قد وصل إلى الحويض الكلوي ويكون بدون توسع في الحويض الكلوي أو في النظام الجامع للكلية وتكون كذلك القبوات الكلوية طبيعية.

مراحل الإرتجاعية البولية في الحالب و الكلية

3- المرحلة الثالثة: في هذه المرحلة يكون الإرتجاع البولي المثاني والحالبي والكلوي متصاحباً مع توسع حالبي خفيف أو متوسط، وقد تكون هنالك إنحنائات في الحالب، وفي نفس الوقت توجد توسعات متوسطة الدرجة في النظام الجامع الكلوي، ولكن قد تكون القبوات الكلوية متشوهه من جراء هذا الإرتجاع البولي.

4- المرحلة الرابعة: في هذه المرحلة يكون الإرتجاع البولي المثاني والحالبي والكلوي قد أدى إلى توسع متوسط الدرجة في الحالب مع إنحناءات حالبية، وفي نفس الوقت تكون هنالك توسعات متوسطة الدرجة في داخل النظام الجامع الكلوي التابع للحوض الكلوي، أما القبوات الكلوية فتكون غير حادة ولكن الحليمات الكلوية تكون مرئية.

5- المرحلة الخامسة: في هذه المرحلة المتقدمة من الإرتجاع البولي المثاني الحالبي والكلوي يكون هنالك توسع كبير في الحالب مع وجود إنحناءات فيه، ويكون التوسع في الحويض الكلوي ونظامه الجامع في الكلية ملحوظاً جداً ولكن تظهر الحليمات الكلوية بصوره طبيعية، ويوجد في هذه المرحلة المتقدمة إرتجاعاً بولي داخل النسيج الكلوي نفسه.

الأعراض:

أعراض هذه المشكلة عند الطفل تتمثل في حدوث ارتفاع في حرارة الجسم مع حمى وحرقان في البول أو مغص في البطن أو تبول الطفل الغير إرادي وفي هذه الحالات من الأعراض المذكورة ننصح الأم بعرض طفلها على الطبيب المختص في علاج أمراض وجراحة المسالك البولية عند الأطفال لإجراء الفحوصات اللازمة لاستبعاد إصابته بتلف أو ندبات في الكلى وتعيين إستراتيجية العلاج الملائم لذلك.

التشخيص تضخم البروستاتا الحميد

قبل البدء بأي علاج لهذا المرض إن كان تقليدي جراحي أو منظاري حديث أوغير جراحي فإن تشخيص الخلل أو سبب الإرتجاع ومرحلة الإرتجاع البولي يجب أن يتم بصورة كاملة:

  1. تصوير الكليتين والحالب والمثانة بواسطة الموجات فوق الصوتية والدوبلر الملون.
  2. تصوير الكليتين والحالب بالأشعة السينية الملونة.
  3. فحص المثانة والإحليل بالمنظار.
  4. تصوير رجوعي للحالب بواسطة الأشعة السينية الملونة، ومن خلال هذا الفحص نستطيع أن نقوم بتشخيص المرحلة الإرتجاعية.
  5. قياس الضغط الديناميكي للمثانة (URO DYNAMIC).
  6. أشعة سينية وديناميكية تلفزيونية ملونة للمثانة خلال التفريغ.
  7. قياس كمية البول المتبقي في المثانة بعد التفريغ.

ومن التشخيصات الحديثة المهمة لنجاح العلاج هو الفلورسكوبي لحركة الحالب (Peristaltic Fluoroscopy of Ureter) والفحص النووي للكلية لتقييم وظائفها (DMSA Renal Scan) والكشف إن كان هنالك ندبات قد أصابت الكلية، حيث أن التشخيص الأخير يعتبر واحداً من أهم الوسائل التشخيصية الحديثة لتعين نوع العلاج لهذا المرض.

العلاج

العلاج في المرحلة الأولى يكون هدفه التخلص من الأسباب المؤدية لهذا المرض حيث إذا اختفى الإرتجاع البولي للحالب أو تحسن من جراء علاج دوائي وخاصة إذا كان الإرتجاع بسيط يعطى للطفل المصاب مضادات حيوية قد تستمر لمدة سنتين مع متابعة مستمرة ودورية للطفل المريض لاستبعاد حدوث أية إلتهابات قد تصل إلى الكلى وتسبب ندبات كما ذكرناه مقدماً أو تسبب تردّياً في وظائفها، أما إذا أثبت اختفاء للإرتجاع البولي بعد ستة أشهر أو سنة من هذا العلاج وبعد التأكد من ذلك بواسطة الفحوصات التشخيصية المذكورة آنفاً، فإن السبب يكون في أكثر الأحيان من الأسباب الثانوية التي ذكرت مقدماً وخاصة الإلتهابات الجرثومية أو تضيق في المسالك البولية السفلى.

أما علاج مرض الإرتجاع البولي في المراحل الثانية والثالثة والذي لم يختفي أثناء العلاج بالمضادات الحيوية خلال سنتين والمذكورة مقدماً فإنها تحتاج إلى تدخل علاجي منظاري حديث وأكثرها نجاحاُ في الوقت الحاضر وأبسطها عملياً للطفل المصاب هي حقن مادة منظارياً في ملتقى الحالب بالمثانة فإذا لم يختفي مرض الإرتجاع الحالبي بعد الإجراء المذكور آنفاً فإن أحد العوامل المرضية الأخرى أو إثنين منهما يكونان هما السبب وهذا يكون إما خلقياً أو من جراء تغيرات مرضية ثانوية والتي يجب إزالتها منظارياً أيضاً ولذلك فإن العملية المنظارية يجب أن تكون العلاج المفضل في هذه المراحل للإرتجاع البولي، حيث أن عدم إجراء ذلك له عواقبه على الحالب والكليتين.

أما الأطفال الذين كان عندهم مرض الإرتجاع البولي خفيف أي كانت عندهم درجة الإرتجاع البولي منخفضة، وأعطي لهولاء الأطفال مضادات حيوية لفترات طويلة لا تقل عن سنتين، ولم يستجيبوا للعلاج فإن هؤلاء يحتاجون إلى عملية الحقن المنظارية المذكورة آنفاً أو إلى إجراء عملية منظارية خاصة لإصلاح العيب الخلقي في الحالب أو المثانة إذا كان قد شُخِّص عندهم أحد هذه الأمراض الخلقية.

أثبتت الإحصائيات الإكلينيكية الحديثة بأن التدخل المنظاري المتزامن (Simultaneous Endoscopic Therapy of the Reflux and OAB) حيث تحقن مادة الـ (NASHA – DX) تحت منفذ الحالب لعلاج الإرتداد البولي، وفي نفس الوقت تحقن مادة البوتكس (Botox A) في العضلة المثانية (The Detrusor) في حالة المثانة العصبية ذات الضغط المرتفع والمثانة ذات السعة الصغيرة والإرتجاع البولي الحالبي في المرحلة الثانية والثالثة مع ضعف عمل الكلية ذات الحالب الإرتجاعي وتكرر الإصابة بالإلتهابات الجرثومية في المسالك البولية بالرغم من معالجتها بالمضادات الحيوية وخاصة عند الأطفال المصابين بالمرض العصبي الخلقي والمسمى بفتق الحبل الشوكي وسحاياه (Myelomeningocele) حيث يؤدي العلاج المنظاري المتزامن للحالب والمثانة علاوة إلى اختفاء الإرتجاع المثاني والإحليلي والكلوي إلى شفاء الطفل المصاب بمرض المثانة العصبية (OAB) والمسماة كذلك بمثانة الضغط العالي العصبية وفي نفس الوقت يُشفى هؤلاء الأطفال أيضاً من السلس البولي الذي سببه المثانة العصبية المذكورة أولاً وكذلك يتخلص الطفل من الإرتجاع البولي الحالبي وهذا يعتبر من العلاجات المتقدمة طبياً وعالمياً والتي ليس لها مضاعفات أو عناء للطفل.

منظارية لعلاج الإرتجاع المثاني الحالبي في المرحلة الثانية و الثالثة بحقن صور

البروفيسور الدكتور سميرالسامرائي

Scroll to Top