الإلتهام الذاتي في خلايا الإنسان (Autophagy) هو عملية ديناميكية خلوية منظمة جينيا تتفعل و تتحفز فقط أثناء الصيام (الجوع)، و تقوم بذلك حويصلات إلتهامية خلوية في داخلها (Autophagosomes) للتخلص و إبعاد المكونات التالفة و السامة المتراكمة و المضرة و كذلك المكونات الإلتهابية الجرثومية و الفايروسية و السرطانية و الأيضية، و من ثم تقوم الخلية بإعادة تصنيع جميع هذه المكونات المضرة من جديد, مؤدية إلى تحسين و تحفيز مقاومة خلايا الجسم مناعيا ضد المتلازمة الأيضية كمرض السكري و إرتفاع ضغط الدم و الكلية و تصلب الشرايين المؤدية إلى الجلطات الدماغية و القلبية و الضعف الجنسي, و كذلك تستهدف و تحفز هذه العملية الإلتهامية الخلوية المناعة العامة ضد الإلتهاب عامة و ضد الطفرات الجينية السرطانية في القولون و الكلى و المثانة و البروستات و كذلك تستهدف أمراض الشيخوخة و خاصة مرض الألزهايمر في الدماغ. بيولوجية الإلتهام الذاتي في الخلية البشرية هوعبارة عن إستهلاك جسم الإنسان لمكونات داخل أنسجته الخلوية التالفة و المضرة و السامة كعملية أيضية بحد ذاتها تحدث أثناء الصيام والجوع و كذلك أثناء تعرض الجسم للأمراض المعدية الجرثومية و الفايروسية، حيث أن التحطيم و التدمير والتخلص من هذه المكونات السامة و المضرة و التالفة لها يحدث في تجويف الخلية نفسها. إكتشافها بداية الخمسينات القرن الماضي أدى إلى تفهم مسار هذا الإلتهام الذاتي الفيزيولوجي، حيث تم إكتشاف بنية محاطة بغشاء(Organelle) و متخصصة ومنظمة داخل الخلية ولها فعالية ديناميكية عالية و تتواصل مع البنيات الأخرى في الخلية بصورة مستمرة و ثابتة، و تحتوي هذه (العضيات) على أنزيمات هاضمة للبروتينات، وكذلك تحتوي على الكاربوهيدرات و دهون في داخل حجرها الخلوي المتخصصة في وضيفتها (كمحطة عمل) تحميها من تدهور محتويات الخلية نفسها. العالم و الحائز على جائزة نوبل في الطب كريستيان دودوف في سنة 1974 إكتشف بنية متخصصة (عضية) أخرى (Lysosome) داخل حشوة الخلية (Cytoplasma) تحتوي على أنزيمات هاضمة (Degradative enzymes) ومحاطة بغشاء. من خلال هذا الإكتشاف تبين بأن الخلية البشرية لها إستراتيجية كبيرة كناقلة محتويات (بضائع) للخلية و في نفس الوقت من خلال دراسات الكيمياء الحيوية المجهرية التحليلية تم إكتشاف (الحويصلات) في داخل الخلية البشرية وسميت (Cellular Vesicles), وهذه هي التي تنقل المحتويات التالفة و المرضية إلى العضيات الليزومية لتكسيرها و تحطيمها و التخلص منها و الذي معناه (الإلتهام الذاتي) الذي يعبر عن هذه العملية الذاتية داخل الخلية البشرية.هذه الحويصلات سميت ب أوتوفاجوزوم (Autophagosomes).

و من هنا و خلال السنوات 1974 إلى 1980 سلط علماء الكيمياء الحيوية بحوثهم و دراساتهم على نظام بروتيني يوجد في داخل الخلية و مسؤول بصورة فعالة فقط على تقطيع و تكسير و تحطيم البروتينات التالفة(Protein degradation) للتخلص منها و سمي بالبروتيازوم (Proteasome) و قد حاز على هذا الإكتشاف هؤلاء العلماء الثلاث على جائزة نوبل في الكيمياء الحيوية لإكتشافهم هذا في سنة 2004، و من خلال إكتشاف هذا النظام توضح كيفية تخلص الخلية من البروتينات المركبة الكبيرة داخلها التي أنهكتها في حجر الخلية, و لكن العالم الياباني (Ohsumi) ركز بحوثه و دراساته (1992) على هذه الظاهرة و إكتشف الإلتهام الذاتي في الخلية البشرية و أثبت بأن الخلية البشرية تحتوي على فجوات عصارية (Vacuoles) و هذه الفجوات هي حجر أيضا و لها علاقة وطيدة بالليزوزوم (Lysosome) للتخلص من الفضلات والمكونات الخلوية التالفة و الجراثيم و الفايروسات، و من ثم تم من قبله إكتشاف الجينات المسؤولة عن الإلتهام الذاتي في الخلية البشرية (1992) حيث تحتوي هذه على بروتينات عملية الإلتهام الذاتي في الخلية و المسيطر عليها من قبل تنظيم جيني متميز في تكوين و البدأ في عملية الإلتهام بواسطة الحويصلات الإلتهامية (Autophagosomes) , و فضلا لدراسات و بحوث العالم (Ohsumi) و من تبعه في الدراسات بعد ذلك تم التوصل إلى أن الإلتهام الذاتي في الخلية البشرية يتحكم في الوظائف الفيزيولوجية الخلوية المتواجدة في مكونات الخلية التي تحتاج إلى تصليح و إعادة تصنيعها (Recycling and regeneration) ولهذا فإن الإلتهام الذاتي في الخلية يزودها بصورة سريعة بالطاقة و في نفس الوقت يحفز مناعتها الذاتية و ذلك بتصنيع محتويات في الخلية لتجديدها، و هذا شيء مهم للخلية للتخلص من أي إصابة مرضية أو عدوائية جرثومية كانت أم فايروسية و كذلك مهم أيضا للتخلص من الجهد الأكسدي من جراء التلوث المائي و الهوائي و الغذائي, في هذه الأثناء و أثناء الصيام خاصة و الجوع عامة تتحفز بصورة خاصة الجينات المسؤولة على عملية الإلتهام الذاتي في الخلية للتخلص من المكونات المذكورة أعلاه والتالفة لخلايا الجسم عامة و كذلك الجراثيم و الفايروسات المسببة للإلتهابات العدوائية في داخلها و هذا هو رد فعل إيجابي و فيزيولوجيا لحماية الخلايا في جسمنا من هذه الأمراض و الجهد الأكسدي و الضعف المناعي.
اقرا باستفاضه عن: علاج سرطان البروستاتا

آلية الإلتهام الذاتي في الخلية البشرية في حالة الصيام أو الجوع أثناء التعرف على تراكم المواد المضرة و السامة و التالفة فيها و إعادة تصليحها و تصنيعها وتجديدها. العالم (Ohsumi) و الحائز على جائزة نوبل في الطب في سنة (2016) له الفضل بإكتشاف هذه العملية الإلتهامية الذاتية في الخلية البشرية وجيناتها المحفزة لها وكذلك أثبت في دراسته و بحوثه العلمية الموسعة بأن حدوث طفرات جينية (Genes mutation) باتولوجية أو مرضية في الخلية البشرية قد يؤدي إلى المرض في جسم الإنسان و الحيوان و حتى النبات, كما و أثبت في دراساته بأن الأجسام ذو الخلية الواحدة تعتمد على الإلتهام الذاتي في حالة الجوع الخلوي و الجسدي و هذه العملية الخلوية الفريدة تلعب دورا محوريا ووقائيا ضد أمراض الدماغ والسكري و ضد الإصابة بعدوى جرثومية أو فايروسية لأن تجديد التصنيع داخل الخلية (Recycling) و التخلص من المكونات التالفة و المضرة في داخلها هوالعامل الأساسي في مقاومة الشيخوخة المبكرة، و في نفس الوقت فإن تحفيز الإلتهام الذاتي داخل خلايا أجسامنا أثناء الصيام أثبتته دراسات هذا العالم الحائزة على جائزة نوبل (2016) و دلت على علاقة الصيام بمقاومة الجسم للأمراض الأيضية كمرض السكري, و إرتفاع ضغط الدم و إرتفاع نسبة الدهون في الجسم, و تصلب الشرايين. ومن الجدير بالذكر فإن للصيام علاقة وطيدة بتحفيز الإلتهام الذاتي للسيطرة على الإلتهابات الجرثومية و الفايروسية وخاصة في وقتنا الحاضر تحفيز المناعة الذاتية و العامة في أجسامنا ضد وباء الكورونا المستجد كوفيد 19 ((covid-19, وعلاوة على ذلك فإن إرتفاع نسبة الإلتهام الذاتي للخلايا في أجسامنا يؤدي إلى تخفيض الوزن الزائد و السمنة ويحسن هذا الصيام من خلال هذه العملية الإلتهامية للخلايا في أجسامنا وظائف أعضاء أجسامنا و خاصة وظائف أدمغتنا التفكيرية و الأدراكية, و كذلك أثبت من خلال الدراسات المذكورة آنفا بأن الرياضة هي من العوامل المؤدية إلى تحفيز الإلتهام الذاتي في خلايا أجسامنا لكي تحفزها للبدأ في التصليح الذاتي لها و تجديدها. و الآن توجد حوالي 500 دراسة و بحوث علمية و كلينيكية عالمية تؤكد على أن الإلتهام الذاتي أثناء الصيام من 12 ساعة إلى 22 ساعة يستهدف و يحفز عملية الإلتهام الذاتي في جميع خلايا جسمنا و خاصة في الأعضاء المسؤولة على العملية الأيضية للتخلص من الفضلات في الكبد، و الكلية و الأمعاء الدقيقة و الغليظة وكذلك في الأعضاء التناسلية أيضا، و بما أن هذه الأعضاء كلها معرضة للتلوث الغذائي بصورة خاصة و كذلك للتلوث الهوائي و المائي، فإن الأكسدة الفائقة و الطفرات الجينية تؤدي إلى تضخمها و سرطنتها, و لذلك فإن تناول الأغذية الغنية في البروتينات النباتية بكثرة, و الإبتعاد في نفس الوقت عن الإفراط في تناول البروتينات الحيوانية بعد الصيام المذكور آنفا, هو الذي سيحفز الإلتهام الذاتي الكامل بصورة فعالة ضد سرطان القولون و البروستاتا و الكبد و الكلية و المثانة و في نفس الوقت ضد المتلازمة الأيضية بكل أنواعها و يحفز المناعة الذاتية لهذه الأعضاء و العامة للجسم كله.
 
Scroll to Top